الكسوة المقاومة للحرائق أنقذت المقيمين في "سكاي كرابرس"- دبي، وكان يمكنها إنقاذ حياة ضحايا حريق "برج غرينفل"، كما يؤكد الخبراء

الخميس 22 يونيو 2017

دبي - مينا هيرالد: كان يمكن للكسوة المقاومة للحرائق‏، والالتزام بقوانين السلامة العامة، الحدّ من انتشار الحريق الهائل الذي شبّ في "برج غرينفل" في لندن، والمؤلف من 24 طابقاً، وبالتالي إنقاذ حياة 58 ضحية، فيما العشرات لا يزالون في المستشفيات، يصارعون من أجل البقاء.

المعروف أن الحريق الذي اندلع حوالي الساعة الواحدة من فجر الأربعاء 14 يونيو 2017، كانت له آثاره القاتلة، مقارنةً بالحريق الهائل الذي كانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد شهدته، وتحديداً في "برج الشعلة"، في 21 فبراير 2015، والذي لم تُسجّل فيه أيّ حالة وفاة، كما لم تلحق ببنية البرج أية أضرارٍ فادحة، وكلّ ذلك بفضل الجودة في التصميم والبناء، وبفضل حسن تجهيز المبنى، من حيث الالتزام بقوانين السلامة العامة، وكذلك اعتماد الكسوة المقاومة للحرائق التي تولّتها الشركة المتعهدة (دبي للهندسة المدنية ش.ذ.م.م)، بشهادة كبريات المؤسسات الإعلامية العالمية، بما فيها قناة "بي بي سي".

وكان من الملفت أن الكسوة الخارجية المقاومة للحرائق في "برج الشعلة" بقيت سالمة بشكلٍ كبير، ما عدا زاويته حيث شبّت النيران التي لم تنتشر بسرعة كبيرة، بفضل النوعية الفائقة الجودة من المواد المستخدمة، وكذلك بفضل التقنيات الحديثة في البناء، بالإضافة إلى السرعة القصوى في استجابة فرق الدفاع المدني في دبي ورجال شرطة دبي.

التقرير الذي بثته قناة "بي بي سي" أورد ‏التالي:"الحرائق التي شهدتها دبي مؤخراً، ومنها الحريق الذي اندلع في ناطحة السحاب "برج الشعلة" المؤلف من 79 طابقاً، في العام 2015، لم تنتشر نيرانها كثيراً، بفضل

الكسوة المقاومة للحرائق، وفق "تينابل دبي للاستشارات الهندسية للحرائق"؛ وبالتالي لم ينجم عن هذه الحرائق سقوط ضحايا، بفضل التصميم الهندسي وتقنيات البناء التي أتاحت لرجال الإطفاء مكافحة النيران كما ينبغي، وسمحت بإجلاء نزلاء البرج عبر المنافذ الخاصة بحالات الحريق، والخالية من النار والدخان".

وفي هذا التقرير، يقول السيد سام الكوك، مدير "تينابل دبي":"كل الحرائق التي نشهدها هنا تدوم من ست إلى سبع ساعات، غير أنّه يتمّ إجلاء النزلاء بسلامة، بدليل أنه لم يسفر عن هذه الحرائق سقوط ضحايا أو خسائر في الأرواح، والفضل في ذلك يعود- برأيي- إلى الريادة في التصميم والجودة في البناء".

أما في حريق "برج غرينفل" فانتشرت النيران بسرعة، بسبب المواد غير الصالحة والقابلة للاشتعال، والمستخدمة ككسوة مقاومة للحرائق، وفق ما ورد في التقارير الأولية.

"المواد المستخدمة في كسوة "برج غرينفل" ضدّ الحريق كانت من النوعية الرخيصة، والنوع السريع الاشتعال، والتي جرى اعتمادها من بين خيارين متاحين، كما يؤكد التحقيق مع سلسلة المستوردين"، يقول تقريرٌ بثته إحدى وسائل الإعلام البريطانية.

ويضيف التقرير:"تزويد "برج غرينفل" بالكسوة المقاومة للحرائق كان سيكلّف 5,000 جنيه استرليني إضافية، كما جرى التصريح به، بعدما انهارت أجهزة الإضاءة في المبنى، لتشكل عاملاً أسهم في تفعيل هذا الحريق الهائل، ذاك الأربعاء. ولقد أجهز الحريق على البرج بكامله، محوّلاً إياه إلى رماد، وموقعاً 17 ضحية؛ وكان قد شهد عملية ترميم في العام 2016، بتكلفة بلغت حوالي 8,6 مليون جنيه استرليني، وتمّت إضافة ألواحٍ جديدة من الألمنيوم إلى هيكله الخارجي.

كما أشارت التقارير التي تناولت هذا الحادث المأساوي في "برج غرينفل" إلى ارتفاع نسبة الحرائق في دولة الإمارات العربية المتحدة- حيث 24 في المئة من أطول 100 برج في العالم، وفق اللائحة الصادرة عن "مجلس المباني الشاهقة والمساكن الحضرية CTBUH- وهو مركز أوسع قاعدة بيانات لناطحات السحاب في العالم.

إذ تحتضن دبي لوحدها أطول 20 برجاً من أصل 100 في العالم، في طليعتها "برج خليفة"، الأطول عالمياً. وبالإضافة إلى الكثير من الأبراج، تضمّ دبي أيضاً "برج الأميرة" البالغ ارتفاعه 414 متراً، وهو أطول برج سكني، وبرجي "جي دبليو ماريوت ماركيز"، أطول فندق في العالم، بارتفاع 355 متراً، إلى جانب "برج الشعلة" الذي تولّت بناءه "مجموعة شركات الحمد".

وفي هذا السياق، علّق السيد نشأت سهاونه، رئيس "مجموعة شركات الحمد" بالقول:"‏تضع دولة الإمارات العربية المتحدة شروطاً صارمة للبناء، يتمّ تحديثها بشكلٍ دوري، بهدف التقليل من المخاطر، وهذا ما أثبتته بعض الحرائق الضخمة التي شهدتها الدولة". مضيفاً:"ولقد تجلّى هذا الأمر بشكلٍ واضح خلال الحريق الذي اندلع في الطابق 51 من "برج الشعلة"؛ ونحن كنا على ثقةٍ تامة بأنه لا يمكن للنيران أن تنتشر بشكلٍ واسع، بفضل المنهجيات الحديثة المستخدمة في بنائه، والنوعية الجيدة من المواد المعتمدة للكسوة المقاومة للحرائق في هذا المشروع".

"المقاولون، وبلدية دبي، والدفاع المدني في دبي- الذي يقوم بفحص واختبار وإصدار شهادة الثقة بالمواد المستخدمة في كل مبنى- هي جهاتٌ رسمية تعمل معاً وعن كثب على ضمان جوانب الأمان، قبل إصدار شهادة "لا مانع" NOCs والتصريح بالبناء.

"الحرائق التي نشبت في كلٍّ من "برج غرينفل" و"برج الشعلة"، تظهر لنا كيف يمكن للحوادث المميتة أن تقع إذا لم يتمّ استخدام المواد الأصلية، مع عدم الالتزام بالمواصفات التي تحدّدها قوانين المباني. بالرغم من أن دولة الإمارات شهدت المزيد من الحرائق في المباني الشاهقة، إلا أنه لم يسجل سقوط ضحايا أو خسارة أرواح فيها، كما أنّ الخسائر المادية بقيت محدودة، ما يثبت أن المشرفين على قوانين البناء، والمقاولين، يعملون معاً لضمان السلامة العامة في جميع الأبنية".

"مجموعة شركات الحمد" هي واحدةٌ من كبريات شركات الإنشاءات في منطقة الخليج العربي، وتمتلك إرثاً قيّماً في بناء أبراجٍ شاهقة بمواصفاتٍ عالية، وقد قامت بتسليم بعض أطول الأبراج في العالم، بما فيها "برج الشعلة"، "برج مارينا 23"، "برج البحرين المالي"، وغيرها من المشاريع الكبرى المميزة.

من جهته، كان وزير الخزانة البريطاني "فيليب هاموند" قد صرّح قائلاً أن الكسوة المقاومة للحرائق، والتي أثارت الجدل في الحريق الذي أتى على "برج غرينفل"، هي من النوع الذي جرى حظر استعماله في المملكة المتحدة. وأضاف في حديثٍ إلى قناة "بي بي سي":

"ما أعرفه هو أنّ هذه الكسوة المثيرة للجدل والقابلة للاشتعال، والمحظور استخدامها في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، هي محظورة عندنا أيضاً؛ ما يعني وجود تساؤلين منفصلين، الأول هو: هل الأنظمة التي نعتمدها سليمة؟ وهل نقوم بمنح التصريح باستخدام المواد الصحيحة، ونضمن عدم استخدام تلك غير المطابقة للمواصفات؟ والسؤال الثاني هو: هل التزموا هم بالإجراءات المطلوبة؟ الإجابة الشافية ستأتي بها التحقيقات الجارية، وكذلك التحقيق الجنائي الذي يتناول هذه القضية".
التحقيقات الجارية بشأن هذا الحادث المأساوي تركز على جودة البناء، ونوعية المواد المستخدمة فيه، والالتزام بقوانين السلامة العامة، بالإضافة إلى الالتزام بمتطلبات مكافحة الحرائق والمواد المعتمدة في المبنى بهذا الخصوص.

وكغالبية الدول المتطورة في العالم، تمنع دولة الإمارات استخدام المواد غير المطابقة للشروط، وتفرض أنظمةً صارمة في ما خص مكافحة الحرائق والسلامة العامة في المباني، تقوم الجهات المختصة في البلديات بمتابعتها ومراقبتها والكشف عليها.

أنظمة السلامة العامة في دبي
تقوم بلدية دبي بإصدار تعميمات صارمة تمنع المهندسين والمقاولين والمصنّعين والشركات العقارية من استخدام مواد قابلة للاشتعال في المباني والمنشآت.
وكانت "إدارة المباني في بلدية دبي" قد تولّت الإشراف على 25,124 مبنىً قيد الإنشاء في مختلف مناطق دبي، وتتضمن عمليات الرقابة الهندسية الكشف والتفتيش ومتباعة أعمال البناء.

وفي أحد التعاميم الصادرة عن بلدية دبي في أغسطس 2016 نقرأ التالي:"يُلزم القرار التقيّد بالمواصفات المحددة للعزل الحراري للمباني، بموجب القرار الإداري الرقم 66 للعام 2003، وأحكام التعميم الرقم 132 للعام 2005، في ما خص ضرورة الحصول على الشهادات والعلامات المطابقة للمواصفات للمواد والمنتجات المستخدمة في أنظمة العزل الحراري، وكذلك التعميم الرقم 176 للعام 2012 الذي يتضمن المبادئ التوجيهية بشأن استخدام المواد غير القابلة للاشتعال في أعمال البناء".
"وتشتمل المواد تلك المستخدمة في العزل الحراري، مثل الغزل الصخري، البوليستيرين والبيتومين، وأيضاً مواد التثبيت القابلة للاشتعال والمسموح باستخدامها فقط إذا كانت معدلات احتراقها ضمن ما تسمح به قوانين

الدفاع المدني في الولايات المتحدة الأميركية المتعلقة بالحرائق (NPFA5000)، والقوانين 286 و221 و220".
وكان السيد خالد محمد صالح، مدير "إدارة المباني في بلدية دبي" قد صرّح في العام الماضي قائلاً:"يجب أن تكون المواد المستخدمة في المباني من النوع الذي لا يسمح للنار بأن تلتهم الجدران، ويجب أن تتوافق أنظمة مكافحة الحرائق مع المعايير التي حدّدتها القوانين ذات الصلة".
"ويجب أن تبقى معدّلات انتشار الدخان وألسنة اللهب في مواد البناء الخارجية ومنتجات الطلاء أقلّ من 25 وأقلّ من 450، تبعاً لمعايير تقييم انتشار اللهب والدخان المعتمدة من قبل هيئة الدفاع المدني".

"كما أنه من غير المسموح استخدام مواد قابلة للاشتعال، بما في ذلك الدهانات، مواد التغليف، المواد اللاصقة، وتجهيزات التثبيت الداخلية، بالإضافة إلى ضرورة أن توافق الأسقف معايير مقاومة الحرائق، مع معدّل مقاومة أقلّ من معدلات الجدران، المنصوص عنها آنفاً".

وتنصح بلدية دبي أن يتم تقسيم المباني إلى أقسام، للحدّ من انتشار النيران، وفق أنظمة الدفاع الدني، وأن تكون هذه الأقسام المقاومة للحريق والمانعة لانتشار النار (الأرضيات، الوحدات السكنية، المكاتب، الوحدات الصناعية أو التجارية) منفصلة عن بعضها البعض أيضاً.

ويضيف خالد محمد صالح:"بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تمنع الحواجز المقاومة انتشار النار والدخان، وأن تكون متواصلة، بحيث تغطي كلّ مواقع الاختراق والاتصال بين الأقسام المقاومة للحريق، أفقياً وعامودياً (جوانب الجدران، الأسقف، الأرضيات، النوافذ، الأبواب والفتحات)".

وتعتبر الفجوة الخفية فوق الأسقف المعلّقة جزءاً أساسياً من الفجوة الرئيسية تحتها. فالجدران الفاصلة بين الأقسام المقاومة للحريق يجب أن تمتدّ من البلاطة الخرسانية الأرضية إلى الأرضية الخرسانية في الطابق التالي، بما أنّ كل مساحة مخفية في المبنى، وكل نظام للعزل هو بمثابة عاملٍ مساهم في انتشار النار والدخان.

حول "مجموعة شركات الحمد"
‏"مجموعة شركات الحمد"‏، ومقرّها دولة الإمارات العربية المتحدة، هي شركة إنشاءات كبرى، لديها أكثر من 20 شركة تابعة تعمل في قطاع الإنشاءات، العقارات والصناعة. تمتلك ‏"مجموعة شركات الحمد"‏ ما يزيد عن ثلاثة عقود من الخبرة في تنفيذ المشاريع الكبرى، وينتشر حضورها التشغيلي على امتداد دول مجلس التعاون الخليجي.‎

انطلقت الشركة في العام 1985، يوم أسس رئيسها، السيد نشأت سهاونة، "شركة الحمد لمقاولات البناء ش.ذ.م.م." في الشارقة، ‏وشركة "دبي للهندسة المدنية ش.م.م." لتلبية احتياجات مدينة دبي؛ وهي متخصصة في قطاعات التصاميم، التنفيذ والصيانة، وخصوصاً الإنشاءات، أعمال معالجة الحديد الصلب، التشطيب، أعمال الكهرباء المكيانيكية،‏ الديكور الداخلي، الأعمال الداخلية وغيرها من الأعمال المتصلة بالمشاريع التقليدية وتلك المنجزة بالكامل في دولة الإمارات، كما في فروعها المنتشرة في العالم.

Search form