إبراهيم البليهي: تشكيل الحضارات يبدأ ببناء العقول

الأحد 12 فبراير 2017

دبي – مينا هيرالد: قدم الكاتب والمفكر السعودي ابراهيم البليهي في جلسة بعنوان "أيدولوجية الجهل" عقدت ضمن فعاليات اليوم الأول من القمة العالمية للحكومات التي خصصت حيزاً من جلساتها لمناقشة قضايا التطرف والعنف التي تهدد المجتمعات وتسهم في التخريب الثقافي للأجيال الشابة.

وقال البليهي: إن "أيديولوجية الجهل همّ رافقني لزمن طويل، وسعيت إلى استكشاف أسرارها من خلال فهم كيفية عمل الدماغ البشري الذي تبين لي أنه لا يملك آلية للتفريق بين الصواب والخطأ والحقيقة والوهم، بل الأسبق هو ما يقتنع به والأسبق هو غالباً الجهل المركب لأنه لا يتم التحقق بجدية في أي مسألة".

واستعرض البليهي أمثلة عن تشكل الأيديولوجيات، مشيراً إلى أن من ينشأ في الصين يتربى على الكونفوشية ومن ينشأ في أوروبا يكون بروتستانتياً، ولكن ما ننشأ عليه ويصبح معياراً لكل أحكامنا في الحياة نثق به ونعتبره حقيقة مطلقة لأن الإنسان يذوب في المجتمع وهو مبرمج للتلقي ونحن نشحنه بما نسميه الهوية، بدل أن نعلم الإنسان أن يتحرر من الأفكار المسبقة.

وأشار إلى أهمية التعليم الذي يجب ألا يسهم في برمجة العقل وتحويل المواد التعليمية إلى مواد أشبه بالدين، وإذا كنا نتغنى بالتقدم التقني والعلمي فإن تلك التقنيات لم تؤثر في تطوير العقل خاصة في المجتمعات التي تخضعها لموروثها.

ورأى الكاتب والمفكر السعودي أننا نعيش خارج مسار التاريخ والإنسانية على الرغم من التقدم الهائل في العلوم، فالثقافات الموروثة هي التي تتحكم بالمجتمع، ففي المجتمعات المتقدمة الناس يركبون قاطرة التقدم ولا يعرفون لماذا تقدموا، أما في المجتمعات المتخلفة فلا يعرفون لماذا هم متخلفون.

وأضاف: "أختلف مع من يظن أن التعليم سبب لانعتاق المجتمعات من التخلف بل قد يكون في اتجاه معاكس تماما، إلا إذا تحول إلى توجه عام في المجتمع مثلما يحدث في الإمارات التي تقاوم ثقافة الكراهية، فإذا أصبح هذا توجهاً عاماً في المدارس والمساجد تحولنا لثقافة التسامح والتعايش ومن ثقافة توهم الناس بامتلاك الحقيقة إلى ثقافة تختبر كل الحقائق لتميز بينها وتختار ما يلائم تطورها.

وختم البليهي حديثه بالقول: "إن معيار التحضر لدى الشعوب هو القدرة على التغير، وإذا كنا نلجأ إلى تعبئة أجيالنا بأفكار ضد التغيير فلن نتمكن من التقدم، علينا أن ننمي لديهم الوعي النقدي والتأمل في المفاهيم والأيديولوجيات ومراجعتها بنظرة محايدة بعيداً عن التعصب الأعمى. إن تحدي التفكير التقليدي هو الأساس للخروج من التخلف الذي هو تراكم تلقائي أما التقدم وبناء الحضارة فيتم بالجهد والتمحيص والنقد والمراجعة".

القمة العالمية للحكومات
يذكر أن القمة العالمية للحكومات استقطبت أكثر من 4000 شخصية وطنية وإقليمية وعالمية من أكثر من 138 دولة، ما يعكس المكانة البارزة للقمة على المستوى الإقليمي والدولي والاهتمام الكبير من الحكومات والمنظمات العالمية وهيئات القطاعين العام والخاص وصنّاع القرار ورواد الأعمال والأكاديميين وطلبة الجامعات والمبتكرين. وتستضيف القمة 150 متحدثاً في 114 جلسة لتسليط الضوء على أكثر تحديات العالم الملحة واستعراض أفضل الممارسات والحلول العصرية للتعامل معها.

أخبار مرتبطة