دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى تقنيات جديدة لتحسين شبكات النقل مع تصاعد الانبعاثات الكربونية إلى مستويات تفوق المعدل العالمي

الإثنين 13 فبراير 2017

دبي - مينا هيرالد: تحتاج دول مجلس التعاون الخليجي إلى تبني إطار اعتماد تقني منظم حتى تتمكن من التغلب على التحديات الراهنة التي تواجه أنظمة النقل، وفق ما أظهرته دراسة حديثة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية الرائدة "ستراتيجي&" ("بوز أند كومباني" سابقًا).

ويواجه نظام النقل في دول مجلس التعاون الخليجي حاليًا ثلاثة تحديات رئيسية، وهي: 1) مع استمرار انخفاض أسعار النفط، تلجأ حكومات المنطقة إلى خفض الاستثمارات، ولم تعد قادرة على تبرير الإنفاق بحرية على مشاريع البنية التحتية لقطاع النقل، و 2) تُعاني المنطقة من معدلات وفيات عالية ناجمة عن حوادث الطرق، تفوق المعدلات العالمية بكثير، مما يؤدي إلى خسائر تتراوح من 2.5% إلى 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي بدول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك الإصابات، و 3) يتسبب قطاع النقل في تكاليف بيئية باهظة مع مستويات انبعاثات أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 1.03 طن من ثاني أكسيد الكربون لكل فرد (5.59 في قطر، 4.12 في المملكة العربية السعودية، 3.58 في الكويت، 3.49 في الإمارات العربية المتحدة، 3.16 في سلطنة عمان و 2.44 في البحرين).

وفي معرض تعليقه على هذه التحديات، قال الدكتور أولريش كوغلر، شريك في "ستراتيجي&" بدبي: "تشهد التقنيات الجديدة المبتكرة، بما في ذلك المركبات ذاتية القيادة والسيارات الكهربائية والطائرات بدون طيار وأنظمة إدارة حركة المرور، تطورات متسارعة بوتيرة غير مسبوقة فتحت المجال بالفعل أمام إمكانية وجود نظام نقل أكثر ذكاءً وأمنًا وأقل تكلفة وأكثر سهولة يُحفز الحكومات على اعتماده في جميع أنحاء العالم. ومع تزايد نمو السكان في دول مجلس التعاون الخليجي وحركة العمران الحضري، تصبح الحكومات أمام خيار واحد، وهو ضرورة تحديث أنظمة النقل. وتساهم وفرة التقنيات الجديدة القائمة وتلك قيد التطوير، في المساعدة بشكل كبير على تسهيل هذا التوجه. وتتخذ دبي بالفعل تدابير ترمي إلى اعتماد المزيد من التقنيات في البنية التحتية لقطاع النقل، بعد أن أعلنت مؤخرًا عن خطط لتحويل 25% من إجمالي عدد رحلات الركاب إلى القيادة الذاتية بالإمارة بحلول عام 2030".

ووفق تقرير "ستراتيجي&"، تتطلب الاستفادة من هذه التقنيات إطار عمل مؤلف من أربع ركائز، وهي:
1) التنظيم: تحتاج حكومات دول مجلس التعاون إلى بناء الأساس التنظيمي الصحيح من خلال مراجعة نموذج التشغيل الحالي، وتحديد أهداف وأولويات واضحة للسياسات من أجل نشر واستخدام هذه التقنيات الجديدة بشكل سريع.

2) التجريب: يجب تقييم الفوائد المحتملة من خلال تنفيذ برامج تجريبية لاختبار التقنيات الجديدة، وربما بالتعاون مع شركاء من القطاع الخاص. على سبيل المثال، أبرمت هيئة الطرق والمواصلات في دبي مؤخرًا شراكة مع شركة إعمار العقارية لتسيير رحلات تجريبية على حافلة ذاتية القيادة تضم 10 مقاعد على مسار طوله 700 متر على طول بوليفارد محمد بن راشد. وهناك برنامج تجريبي محتمل آخر لاستخدام الغاز الطبيعي الذي تُعتبر دول مجلس التعاون الخليجي من منتجيه الرئيسيين، وبالمقارنة مع أنواع الوقود الأخرى، يُمكن للغاز الطبيعي المسال أن يسهم في الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من السفن بنسبة 20%، وتقليل انبعاثات معينة أخرى بنسبة تتراوح من 85% إلى 100%.

3) البناء: إنشاء البنية التحتية الأساسية بما يشمل البنية التحتية المادية (على غرار الطرق التي يُمكن أن تدعم المركبات ذاتية القيادة، ومحطات شحن السيارات الكهربائية، ومرافق التزود بوقود السفن غير الضار بالبيئة)، إلى جانب الهيكل الأساسي لتقنية المعلومات القادر على التعامل مع زيادة تدفق المعلومات، والأدوات التحليلية لاستخلاص رؤى موثوقة من البيانات.

4) التحفيز: يجب استخدام حوافز لتشجيع العملاء ومقدمي الخدمات على تبني هذه التقنيات. وفي مجال الخدمات اللوجستية التجارية، تستثمر دول مجلس التعاون الخليجي لتتحول إلى مراكز لوجستية كبرى، ولكنها بحاجة إلى الارتقاء بمستوى كفاءتها وفاعليتها من حيث التكلفة بالنسبة للشركات التجارية حتى تكون قادرة على المنافسة عالميًا.
وفي إطار تأكيده على أهمية تبني المزيد من التقنيات، قال فادي مجدلاني، الشريك في "ستراتيجي&" ببيروت: "من المهم أن تحافظ الحكومات على مرونتها عند تبني هذا الإطار، لأنه يكاد يكون من المستحيل بالنسبة إليها الحكم على مدى جودة تقنيات محددة. ويجب على الحكومات تشجيع إجراء التجارب لمواكبة التطورات في الأسواق الأخرى، والأخذ بأفضل ما يتم التوصل إليه في أي مكان آخر، وتطبيقه على الاحتياجات الفريدة لأسواقها. فعلى سبيل المثال، وقعت وزارة المواصلات والاتصالات القطرية مؤخرًا مذكرة تفاهم مع الشركة القطرية للخدمات البريدية (بريد قطر)، لتطوير مشروع تجريبي مبتكر لتوصيل الطرود باستخدام طائرات بدون طيار.

وهناك مجال رئيسي آخر يمكن دعمه بواسطة أنظمة النقل القائمة على التقنيات الحديثة، وهو الحد بشكل كبير من التكاليف البيئية والغازات المنبعثة من السيارات. وفي محاولة لخفض انبعاثات السيارات، تُحرز شركات صناعة السيارات إنجازات كبيرة في تطوير المحركات الكهربائية. ويمكن أن تستحوذ هذه السيارات على نسبة تتراوح من 25% إلى 50% من إجمالي السوق بحلول عام 2040، وفق دراسة أجرتها "بلومبيرغ". وينبغي على حكومات مجلس التعاون الخليجي تمهيد الطريق لتبني السيارات الكهربائية على نطاق واسع، وتشجيع استخدامها، وربما حتى إقامة صناعة محلية للسيارات الكهربائية.

وتعليقًا على أهمية تبني هذا الإطار، قال كميل طحان، المدير الأول في "استراتيجي&": "تُوفر التقنية الحديثة لحكومات دول مجلس التعاون وسيلة مهمة لمعالجة ليس فقط التحديات المالية وتحديات السلامة والبيئة والوصول الأكثر إلحاحًا التي تواجهها هذه الدول، وإنما بناء قطاعات عصرية ومتطورة للنقل والخدمات اللوجستية بمقدورها النهوض باقتصادات المنطقة في المستقبل وخلق العديد من فرص العمل".

أخبار مرتبطة