440 جيجاواط قدرة توليد الطاقة المركبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحلول عام 2020

الإثنين 24 أبريل 2017

دبي - مينا هيرالد: يشكّل إطلاق المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للطاقة المتجددة بسعة 9.5 جيجاواط في المملكة العربية السعودية في مطلع العام الحالي أحدث توضيح للتغيرات الرئيسية التي يشهدها قطاع الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقد أدى ذلك إلى التخطيط لمجموعة من مشاريع الطاقة البديلة أو العمل على تنفيذها في المنطقة.

إنّ تقرير الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2017 كناية عن تقرير بحثي جديد أعدّته شركة ميد المتخصّصة بخدمات ذكاء الأعمال في الشرق الأوسط. وقد أظهر التقرير أنّ الحكومات في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقوم بالتزامات متزايدة لتحقيق التنويع في قطاعات الطاقة وذلك لتحسين أمن الطاقة والحد من الاعتماد على واردات الغاز، بما في ذلك تحليل مفصل لمشاريع الطاقة المتجددة المخطط لها والتي من المتوقّع أن تنتج أكثر من 60 جيجاواط.

وتمّ تسهيل الانتقال نحو دمج الطاقة المتجددة في برامج التنمية بسبب الانخفاض الحاد في تكاليف تكنولوجيا الطاقة الشمسية الكهروضوئية في السنوات الأخيرة.

فقد انخفضت تكلفة تركيب الطاقة الشمسية الكهروضوئية بنسبة 80 في المئة منذ عام 2007، فيما سجّلت مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية الثلاثة الرئيسية التي تمّ تقديمها في الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2015، في تلك الفترة، رقمًا قياسيًا من حيث التكاليف المنخفضة. وبشكل خاص، شكّلت تعرفة 2.99 سنت/كيلوواط في الساعة التي تمّ اختيارها لمشروع الطاقة الكهروضوئية في دبي في عام 2016 لإنتاج 800 ميجاواط سابقة من حيث انخفاض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة إلى ما دون تكلفة محطات الوقود الأحفوري التقليدية. وبالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة، تمضي المرافق الحكومية أيضًا قدمًا بخطط الطاقة البديلة، بدءًا من الطاقة النووية وصولًا إلى تكنولوجيا الفحم النظيف.

وهناك تحول رئيسي آخر في قطاع الطاقة في المنطقة يتمثل في التحرك نحو زيادة الاستثمار الخاص والخصخصة في توليد الكهرباء إذ تعمل الحكومات على خفض ميزانياتها نتيجة انخفاض أسعار النفط. وتعد المملكة العربية السعودية، وهي أكبر سوق لخدمات المرافق، مثالاً رائدًا في هذا المجال، حيث تستعد الرياض لبيع أول 20 جيجاواط من أصول توليد الكهرباء إلى مستثمرين من القطاع الخاص في عام 2017. كما تقوم مصر وسلطنة عمان بالتحضيرات اللازمة لإعادة هيكلة ضخمة وخصخصة أجزاء كبيرة من أسواق الكهرباء لديها.

الطلب المتزايد
يعدّ قطاع الطاقة في الوقت الحالي من أكثر القطاعات نشاطًا في سوق مشاريع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع عدد قليل من المسائل التي تُعتبر أكثر إلحاحًا من الحاجة إلى تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء. ويؤدي النمو السكاني السريع المقترن بالتوسع الصناعي والاقتصادي إلى زيادة حادة في الاستهلاك، حيث بلغ معدل نموّ ذروة الطلب 5.2 في المئة في جميع أنحاء المنطقة في عام 2015. هذا وتزايد الضغط على الحكومات من أجل توفير الكهرباء من دون انقطاع للسكاّن والشركات بعد الثورات السياسية التي شهدها عام 2011، لذلك لا يمكن أن تسمح المرافق بألا يتوافق العرض مع الطلب.
وفي حين أن انهيار أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 قد أدى إلى تقليص أو إلغاء العديد من المشاريع التي تعتبر غير ضرورية، واصلت الاستثمارات في قطاع الطاقة مضيها قدمًا.
ففي عام 2015، بلغ إجمالي القدرة المتاحة 289.861 ميجاواط في البلدان التي شملها تحليل تقرير ميد للطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2017، أي ما يزيد بنسبة 15 في المئة عن ذروة الطلب البالغ 247.742 ميجاواط. وعلى الرغم من أن الطاقة الإجمالية التي تم تركيبها في البلدان الأربع عشرة كانت تبلغ 307.164 ميجاواط، فإن الطاقة الفعلية المتاحة كانت أقل بكثير بسبب المحطات غير العاملة في بلدان مثل العراق والمملكة العربية السعودية.
ومع حد أدنى قدره 15 في المئة لهامش الاحتياطي الموصى به، الذي يمثل القدرة المتاحة غير المستخدمة عند ذروة التحميل كنسبة مئوية من القدرة الكلية، تشهد المنطقة كلّها سباقًا لبناء قدرة جديدة لمواكبة نموّ ذروة الطلب والحفاظ على ما يكفي من هوامش الطاقة الاحتياطية.
أمّا في دول مجلس التعاون الخليجي، فتمكنت جميع المرافق من تلبية الطلب في عام 2015. مع العلم أنّ بعضها قد عانى أكثر من غيره لتحقيق ذلك. وبلغت الهوامش الاحتياطية في أبو ظبي والبحرين والكويت والمملكة العربية السعودية أقلّ من 15 في المائة خلال فترات الذروة. وبشكل خاص، تعتبر الكويت التي تملك هامش احتياطي أدنى من 9 في المئة في سباق لتضمن أنّ قدرتها ستبقى دائمًا متفوّقة على الطلب.
كما تواجه العديد من المرافق في باقي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مشاكل ماديّة، في حين يبقى الصراع الأهلي الهاجس الرئيسي في بلدان أخرى. فالعراق يواجه إلى حد بعيد أكبر تحد في تلبية الطلب من حيث الاستهلاك على المدى القصير. وفي عام 2015، ارتفعت ذروة الكهرباء بنسبة 21 في المئة لتصل إلى 21 ألف ميجاواط، أي أعلى بنسبة 46 في المئة من إنتاج الذروة البالغ 13.400 ميجاواط.
وستتعرّض الهوامش الاحتياطيّة لضغط أكبر في السنوات القادمة، حيث سجّلت جميع الدول تقريبًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادة في ذروة الطلب في عام 2015. وكانت ليبيا البلد الوحيد الذي سجل انخفاضًا في ذروة الطلب في عام 2015، ولكن من المتوقع أن تنمو بمعدل متوسط ​​قدره 5 في المئة أو أكثر سنويًا حتى عام 2022.
سباق بناء القدرات
لتتمكّن معظم المرافق في جميع أنحاء المنطقة من مواكبة توقعات الطلب واستعادة هوامش احتياطية بنسبة 15 في المئة على الأقل أو الحفاظ عليها، لا بدّ من أن تعمل على تطبيق برنامج مكثف لبناء القدرات في الفترة الممتدّة حتى عام 2020. ووفقًا لتقديرات ميد، فإن قدرة التوليد الرسمية المركبة في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي شملها التحليل سترتفع بمقدار 150 جيجاواط تقريبًا لتصل إلى 440 جيجاواط بحلول عام 2020، أي ستسجّل زيادة بنسبة 50 في المئة فقط على القدرة الحالية المتاحة البالغة 290 جييجاواط.
ويذكر تقرير ميد للطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2017 أن أهمّ المتطلبات ستكون في مصر، حيث هناك حاجة إلى ما يقدر بـ27.985 ميجاواط من الطاقة الإنتاجية الجديدة نظرًا لنموها السكاني السريع والتوسع الاقتصادي. في حين سيستلزم المملكة العربية السعودية والكويت قدرة إضافية تبلغ 20.239 ميجاواط و 5.758 ميجاواط على التوالي، فإن متطلبات المرفقات الجديدة الفعلية ستكون أعلى بكثير بسبب الحاجة إلى استبدال أو ترقية الوحدات القائمة نظرًا لتقادمها. ومن المرجح أن يكون الوضع مماثلًا في ليبيا، حيث أن البنية التحتية للطاقة أصبحت بمعظمها متقادمة أو قد تعرّضت للضرر أثناء القتال.
كما أن متطلبات إيران لما يقدر بـ25.600 ميجاواط من الطاقة الجديدة بحلول عام 2018 تعود أيضًا إلى مزيج من النمو السكاني السريع والنمو الصناعي. في حين تسعى طهران إلى زيادة صادرات النفط وتشجيع الاستثمار الخاص في برنامجها الإنمائي، فمن المرجح أن تستلزم قدرة إضافية هائلة لتلبية الطلب في المستقبل.
تخفيض الاستهلاك
بالإضافة إلى استخدام الطاقة المتجددة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، تبحث المرافق في المنطقة عن طرق لتحسين كفاءة الطاقة وتخفيض الاستهلاك. ويتمّ بذل الجهود لتحسين الكفاءة من حيث العرض والطلب على حد سواء. هذا وسيؤدي الحدّ من استهلاك الكهرباء والمواد الخام إلى المساهمة في الحفاظ على احتياطيات الغاز، وتخفيض الضغط أيضًا على الموارد المالية الحكومية التي تعرضت في كثير من الحالات إلى تدنٍّ شديد بسبب انخفاض أسعار النفط.
أمّا من ناحية العرض، فقد بدأت المرافق تستثمر رؤوس أموال طائلة في تحسين وترقية البنية التحتية القائمة للطاقة. وتسعى كل من المملكة العربية السعودية والكويت ومصر إلى المضي قدمًا في تنفيذ خطط لترقية المنشآت وتحويلها إلى منشآت دورات مركبة، وتعزيز القدرات مع استخدام كميات أقل من الوقود. وهناك الآن اتجاهًا متناميًا لاختيار تشكيلات الدورة المركبة لمرافق القدرات الجديدة بحيث يتمّ استخدام التكنولوجيا الأكثر كفاءة.

Search form