إعادة ثقة العملاء بشبكات الإتصالات

الثلاثاء 28 فبراير 2017

بقلم عائشة راشيد، مديرة استراتيجية الأعمال ورئيسة قسم تقنيات التسويق التجارية لدى ’ستارت‘

أجرى معهد ’فودافون‘ دراسة أشارت إلى أن 18% فقط من المشاركين المنتمين إلى ثمانية أسواق أوروبية يثقون بشركات الاتصالات فيما يخص سرية بياناتهم. وتعتبر الثقة مشكلة رئيسية تواجه كبرى شركات الاتصالات اليوم، في الوقت الذي تراجع زخم نمو شركات تزويد خدمات الاتصال الموثوقة بالنسبة لمليارات الأشخاص الذين ترتبط حياتهم باستخدام الأجهزة المتنقلة. وتتمثل المفارقة في أن هذه الطفرة في استخدام الأجهزة المتنقلة لم تؤدي في الحقيقة إلى مكاسب مشابهة للمشغلين. وبطبيعة الحال، تواجه المشغلين مجموعة من التحديات العالمية الصعبة من بينها– على سبيل المثال لا الحصر– إمكانية وآلية التغلب على الاختلالات التي تواجه المحتوى المنشور مباشرةً عبر الانترنت. وهناك أيضاً تحدي بناء نظام بيئي رقمي يضمن حصول العملاء على الجودة التي يتوقعونها من العلامات التجارية الرائدة. وفي نهاية المطاف، ينبغي على شركات الاتصالات تعزيز ثقة عملائها لدفع مسيرة النجاح. لقد رأينا الخطوات التي اتخذتها شركات الاتصالات لإقامة شراكات مع مؤسسات تقدم خدمات الاتصالات المباشرة عبر الإنترنت بغية تعزيز مبيعات شبكتها. ويتضمن اتفاق شركة الاتصالات ’إيفري ثينج إيفري وير‘ مع العملاء الجدد إتاحة ستة أشهر مجاناً من القدرة على الوصول إلى خدمة ’آبل ميوزيك‘ الموسيقية. وأبرمت ثلاث شركات شراكة مماثلة مع ’ديزر‘. وتصبح مثل هذه التحركات أكثر تواتراً في السباق نحو تحقيق الاتصالات التامة بين الأطراف. واعتباراً من الرسائل الصوتية والتخزين عبر خدمات الحوسبة السحابية إلى بث الموسيقى والتلفاز، تشير التوقعات إلى أن خدمات الاتصالات المباشرة عبر الإنترنت ستستقطب 300 مليون مشترك بحلول عام 2019. وحتى الآن، يبدو توجه علاقات التعاون هذه فقط نحو الحفاظ على المكانة القوية للعلامة التجارية. تسعى بعض شركات التشغيل لتحقيق تجاورات متفرعة إلى قطاعات جديدة في محاولة منها للحفاظ على مكانتها بالنسبة للعملاء. وأطلقت ’أو تو‘ مصرفها ’فيدور‘ – المصرف الأول والوحيد في العالم عبر الأجهزة المتنقلة والذي أطلقته إحدى شركات المحمول. وفيما قد تعكس هذه التحركات بعض مؤشرات الابتكار، إلا أنها تؤدي إلى تحقيق قدر قليل فقط من القيمة للمساهمين، مما يجعل الاستحواذ هدفاً جذاباً للاعبي خدمات الاتصالات المباشرة عبر الإنترنت الذين يحتاجون إلى تعزيز عروضهم بخدمات اتصال عالمية موسّعة. وفي أواخر عام 2016، انتقلت ’سكاي‘ من كونها خدمة ترفيه لتتحول إلى مشغل شبكة افتراضية عبر الأجهزة المتنقلة. وبالمثل، ارتبطت ’جوجل‘ مؤخراً بشركة ’تي موبايل‘ لإطلاق خدمة الواي فاي الخاصة بها. وفي السياق ذاته، تلعب شركة ’اتصالات‘ دوراً مهماً في العديد من المجالات الرقمية مع تحقيق إنجازات مهمة مع أطراف مثل ’دبي باركس آند ريزورتس‘ ومعرض ’دبي إكسبو 2020‘ المرتقب. وفيما يكتسب التجمّع وإقامة الشراكات والتنويع وعروض التخفيض مزيداً من الزخم باعتبارها ’استراتيجيات رابحة‘، ينبغي أن تحرص شركات الاتصالات على تجنب خطر الخسارة أمام الشركات الأكثر صلة والتي تركز كلياً على تقديم تجارب رائعة. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أهمية تذكيرها بمكانتها المرموقة في السوق؛ وعلى أي حال، فإنها تمتلك السوق! بالرغم من لعبة الحروب الدائرة في عقر دارهم، لا ينبغي أن يتضمن المستقبل منافسات حادة مع خدمة الاتصالات المباشرة عبر الإنترنت، كما يتوقع الكثيرون. يرى البنك الدولي أن كل زيادة بنسبة 10% في اتصالات الإنترنت عالية السرعة، تسهم بارتفاع حجم النمو الاقتصادي بنحو 1.3%. وفيما تزداد أهمية الإنترنت بالنسبة للحكومات بمستوى يوازي توفير الطاقة الكهربائية والمياه في السنوات المقبلة، ينبغي أن تتجه شركات الاتصالات نحو تعزيز مكانتها من حيث الطاقة والاستفادة من حاجتنا الملحّة للحصول على البيانات وتعلم أساليب تطوير تجربة العملاء التي تتفرّد بها خدمات الاتصالات المباشرة عبر الإنترنت. وتعتمد كل شركة وشخص اليوم على الشبكات لتعزيز فاعلية العمل. وغيابها يؤدي إلى احتمال وقوع القطاع نفسه فريسة لحالة من التخبّط؛ ولم نكن حينها لنعيش في مجتمع متصل، ولم نكن لنمتلك ترف العيش الرقمي. ويعبّر المستهلكون عن رغبتهم في الحصول على قدرة اتصال كاملة، وقدرة وصول معززة إلى العديد من الخدمات وبشكل فوري. وبالتالي، يعتبر التحول إلى مزود خدمات شبكة بمثابة قوة وليس مجرد رغبة لدى شركات الاتصالات. اعتباراً من ديسمبر 2016، وجد ما يقدر بحوالي 2.6 مليون تطبيق في السوق. ويمضي المستهلك العادي اليوم حوالي 4 ساعات يومياً متصلاً بهذه التطبيقات عبر الأجهزة المتنقلة، وسترتفع وتيرة هذا التوجه في المستقبل. وتمهد خدمات الدفع الإلكتروني عبر الأجهزة المتنقلة وخدمات التسجيل غير المرئية مثل ’أمازون جو‘ الطريق أمام الأجهزة المتنقلة لتتحول إلى محفظة الجيب في المستقبل. ويتوقع نمو إيرادات الواقع الافتراضي إلى ما يقارب 50 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2020. وتتخطى القيمة التي يضعها العملاء على سهولة الاستخدام، والتقنيات المشوّقة، وبيانات الشبكة والسرعة، مستوى ولائهم لأي مزود محدد لخدمات الشبكة. ومع ذلك، ثمة شيء واحد يدفع جميع التطبيقات نحوه إذا أرادت التكامل مع حياة الناس؛ إنها الثقة! ونظراً لحجم الشركات التي تعتمد عليها اليوم، فضلاً عن زيادة عدد العملاء الذين يتوقون لبيانات الشبكة، ينبغي النظر إلى شركات الاتصالات باعتبارها الجهات الأكثر موثوقية في السوق. ويشير عثمان سلطان، الرئيس التنفيذي لشركة ’دو‘ للاتصالات، بوضوح إلى اعتبارها عامل التميّز الرئيسي، حيث أعلن مؤخراً عن إطلاق وشيك لـ ’فيرجن موبايل‘ في سوق دولة الإمارات العربية المتحدة. وتدرك ’فيرجن‘، هي إحدى العلامات التجارية الموثوقة، التي تتفهم تفضيلات المستهلك وأذواقه ورغباته. استعادة ثقة العملاء اعتماداً على روعة التصميم ولا نستغرب أن يعتبر ما تقوم به العلامة التجارية، أو أسلوبها في التفاعل مع العملاء، أو تناغم التجارب التي تقدمها، أكثر أهمية في عصرنا المدفوع بوسائل الإعلام الاجتماعية بالمقارنة مع ما تقوله العلامة التجارية عن نفسها. وفي هذه الأيام، تبنى الثقة عبر الكلام المتناقل والتجارب الرائعة التي يخوضها العميل لدفع الناس نحو التحدث ولتعزيز العلاقات والارتقاء بمستوى الولاء. وعلى الرغم من ذلك، جاء النجاح مختلطاً؛ حيث حافظت شركات الاتصالات على سمعتها السيئة من حيث سخط العملاء، وخروقات البيانات، والعروض المعقدة والرسوم المرتفعة بالمقارنة مع تجاربها المتميزة للعملاء. والمكان الأمثل للبدء في إصلاح مواطن الخلل هذه هو بناء وإدارة النظم البيئية المادية- الرقمية بصورة أفضل. وتعتبر أعمال ’ستارت‘ لصالح ’اتصالات‘ مثالاً جديراً بالذكر. حيث كانت متاجرها الأصلية سبباً في المسّ بالمكانة المرموقة التي امتازت بها علامتها التجارية من حيث الموثوقية بين شركات الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط. وساعدت ’ستارت‘ في إعادة ابتكار الدور الذي لعبته تجارة التجزئة في شركات الاتصالات، وذلك عبر إيجاد الفرص الكفيلة بمنح ’اتصالات‘ القدرة على تلبية متطلبات عملائها وجهاً لوجه وتزويدهم بالخدمات الاستشارية الشخصية. وتجتمع مزايا الهندسة المعمارية الجديدة للمتجر، مع مشاركة تجارب المنتج، والتفاعل المركز مع العملاء، واعتماد نهج جديد كلياً لتقديم خدمات متميزة داخل المتجر، وذلك لتشكيل تجربة جديدة ومتجاوبة ومتميزة من حيث التمكين. وتبلورت النتائج في زيادة ملحوظة بحجم مبيعات المنتجات الأعلى قيمة وتخفيضات كبيرة في زمن انتظار العملاء داخل المتجر. تتطلع شركات الاتصالات نحو تشكيل تجارب مماثلة ومتعددة القنوات للجيل القادم لإثبات ذاتهم وتلبية تطلعاتهم المتزايدة باطراد. وسيدرك الناس أهمية شركات الاتصالات والثقة التي نضعها فيها من خلال تجربة العملاء. ويتعلق الأمر بالابتعاد عن التصميم الكلاسيكي لتجارة التجزئة المعتمدة في شركات الاتصالات والانتقال إلى عالم من الترفيه والسمات المخصصة بحيث تبدو كل نقطة اتصال داخل المتجر، أو باستخدام التطبيق الإلكتروني، أو عبر الإنترنت، كما لو أنها مصممة خصيصاً للفرد.

Search form