التضخم الطبي في دولة الإمارات يشكّل تحدياً أمام التوظيف واستحداث فرص عمل جديدة، وفقاً لبحث جديد

الإثنين 25 أبريل 2016

دبي - مينا هيرالد: أظهر بحث جديد أُجري بتكليف من "انترناشيونال إس أو إس" أنّ 84 بالمئة من سكان الإمارات العربية المتحدة يستخفون بارتفاع معدل التضخم الطبي في البلاد، والذي بات يشكّل مصدر قلق لا يُستهان به لدى أصحاب العمل إذ أصبح يحظى بنسبة متزايدة من التكلفة الإجمالية للعمالة.
يُشار إلى أنّ شركة الأبحاث العالمية "يوجوف" هي من اضطلع بإجراء هذا البحث بتكليف من "انترناشيونال إس أو إس"، الشركة الرائدة عالميّاً في مجال الخدمات الطبّيّة وخدمات مخاطر السفر الأمنيّة، ومهمّتها مساعدة الشركات على تنفيذ واجب الرعاية إزاء المغتربين ورجال الأعمال المسافرين حول العالم.
بلغ معدّل التضخم الطبي في الإمارات العربية المتحدة 9.5 بالمئة عام 2015 بحسب وكالة "باسيفيك برايم"، وهي وسيط عالمي للتأمين الصحي تجري دراسات سنوية حول التكاليف في جميع أنحاء العالم. وقد بلغ معدّل التضخم الطبي في دولة الإمارات 10 بالمئة في السنوات العشر الأخيرة.
وهذا يشير إلى أنّ بوالص التأمين الصحي المترتبة على شركة ما بكلفة مليون درهم إماراتي في العام 2010، ارتفعت لتصبح تكلفتها 1.6 مليون درهم إماراتي بحلول نهاية العام المنصرم.
بيد أنّ معدل التضخم العام في اقتصاد دولة الإمارات هو أقل بكثير، حيث بلغ 4 بالمئة في العام الفائت و2.3 بالمئة في العام 2014.
يُضطر معظم أصحاب العمل في الإمارات العربية المتحدة إلى تسديد تكاليف التأمين الصحي مباشرةً. ويقول نحو 51 بالمئة من الناس إنّهم لا يعرفون كم يكلّف تأمينهم الصحي.
ولكنّ معظم الخطط المتوافرة تتيح للأفراد اختيار أي أطبّاء، وعيادات ومستشفيات يتعاملون معها، وأحياناً عبر لائحة تعدّها شركة التأمين. وحين يواجهون مشكلة معينة، قليلون هم من يجدون سبيلهم للحصول على مشورة صحية مستقلة حول مزوّد الرعاية الطبية المناسب، أو حتى ما إذا كانت زيارة الطبيب ضرورية أصلاً.
علاوة على ذلك، تتباين التكاليف بشكل ملحوظ بين مؤسسة وأخرى تقدّم نفس خدمات الرعاية الصحية في الإمارات العربية المتحدة، حتى عندما تكون الجودة مماثلة. تبيّن تقييمات "انترناشيونال إس أو إس" أنّ هذا الفارق لقاء الخدمة عينها وبالجودة نفسها قد يصل إلى 70 بالمئة.
على سبيل المثال، تختلف الرسوم التي يتقاضاها مستشفيان رائدان بدبي يقدّمان جودة متقاربة، لقاء الخدمات الاعتيادية التالية على النحو الآتي:
استشارة الطبيب العام: المستشفى 1 أغلى بنسبة 70 بالمئة من المستشفى 2
استشارة اختصاصي في أمراض القلب: المستشفى 1 أغلى بنسبة 25 بالمئة من المستشفى 2
الولادة الطبيعية: المستشفى 1 أرخص بنسبة 9 بالمئة من المستشفى 2
صورة وعائية: المستشفى 1 أرخص بنسبة 2 بالمئة من المستشفى 2
وما يزيد الأمور تعقيداً بين هاتين المؤسستين أنه ما من مستشفى يُعتبر الأغلى عموماً. فعلى سبيل المثال، إنّ المستشفى الذي يقدّم استشارة طبيب عام أغلى بنسبة 70 بالمئة، يقدّم خدمة ولادة طبيعية أرخص بنسبة 9 بالمئة.
ومن جهة أخرى، يُعدّ تداول الكلام والتجربة السابقة أبرز عاملَين في طريقة اختيار الأفراد لمزوّدي الرعاية الطبية المناسبين، وقد بلغت نسبة الاعتماد على هذين العاملين 66 بالمئة و56 بالمئة على التوالي بحسب هؤلاء الأفراد. غير أنّ الطلب على الطاقم الطبي يؤدي إلى ارتفاع معدل تبديل الموظفين وثغرات في توفير الخدمات. ومن المتوقع أن يتم تشييد 20 مستشفى جديداً في دولة الإمارات في غضون السنوات القليلة المقبلة، ويعود السبب جزئياً إلى تنامي السياحة الطبية في البلاد.
جدير بالذكر أنّ بعض مؤسسات الرعاية الصحية تقدّم خدمات ذات مستويات أعلى من غيرها في مجال بعض التخصصات الطبية، وذلك بحسب ما أشارت إليه شركة "انترناشيونال إس أو إس" التي تخضع لإدارة 1400 طبيب وتضطلع بعمليات تقييم لمزودي الرعاية الصحية حول العالم.
كما جاء في معرض حديث الدكتور فرايزر لاموند، المدير الطبي الإقليمي لدى "انترناشيونال إس أو إس": "ليس بالضرورة أن تكون النتائج الصحية التي يحصل عليها المرضى هي الأفضل إذا ما كانت المستشفيات تبدو رائعة التصميم وتمتلك معدات مبهرة وحديثة. إلاّ أنّ ذلك قد يعني في أغلب الأوقات أنّ تلقّي العلاج في هذه المستشفيات سيكون باهظاً. ثمة حاجة ماسة إلى فهم الجودة والموثوقية للرعاية الطبية بحد ذاتها أولاً لدى اختيار مزودي الرعاية الصحية. فمن شأن هذا الأمر أن يوفر نتائج أفضل للمرضى وتكاليف أقل على المجتمع ككل."
وفي الإطار عينه، يصرّح ثلاثة أرباع سكان دولة الإمارات أنهم يفضّلون استخدام خدمة اتصالات هاتفية مستقلة يوفرها خبراء على درجات عالية من الكفاءة ليقدّموا لهم مشورة أولية حول حالة طبية معيّنة، وإحالتهم إلى مزود الرعاية الصحية الأكثر ملاءمةً.
يُشار إلى أنّ "انترناشيونال إس أو إس" تدير شبكة من 27 مركزاً للمساعدة يخضع لإدارة أطباء متمرسين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مركزاً للمساعدة في دبي.
كما أنّ 59 بالمئة من الأفراد الذين تم استطلاع آرائهم، زاروا الطبيب مرتين على الأقل خلال العام المنصرم، فيما أفاد أكثر من الربع أنهم زاروا الطبيب ما يزيد على أربع مرات.
وفي هذا الصدد، علّق ديز دونيللي، مدير التطوير المؤسسي لدى "إنترناشيونال أس أو أس" قائلاً: "يشكّل ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية مصدر قلق للجميع. فتضخّم الرعاية الصحية يهدد آفاق التوظيف وزيادة الرواتب والعلاوات. وللأسف، يبدو أنّ قلة من الناس على بيّنة من ذلك، أمّا أولئك الذين أدركوا هذا الأمر فلا يملكون المعرفة اللازمة لإدارة الآثار السلبية الناجمة عن هذه المسألة."
ويستطرد قائلاً: "إنّ غياب المشورة الطبية الأولية والإحالات إلى شبكة مصادق عليها من العيادات والمستشفيات، يرفع أعداد وتكاليف طلبات المعالجة الطبية بالنسبة إلى شركات التأمين، وهذا ما يؤدّي إلى تزايد أقساط بوالص التأمين على أصحاب العمل عاماً تلو الآخر. وبالتالي، لا شك في أنه من مصلحة الجميع معالجة هذه المشكلة."
يُذكر أنّه يجدر بجميع أصحاب العمل في دبي أن يدفعوا تكاليف التأمين الصحي لموظفيهم اعتباراً من 30 يونيو، بمن فيهم العمال في المنازل. وقد أعفي أصحاب العمل الذين يستخدمون عدداً لا يتخطى 100 موظف من هذا الإجراء في السابق.

Search form