تقرير "أورينت بلانيت للأبحاث": الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي يعود بفوائد متعدّدة على دول الخليج العربي

الأربعاء 21 سبتمبر 2016
نضال أبوزكي، مدير عام "مجموعة أورينت بلانيت"

دبي - مينا هيرالد: أكّد تقرير حديث صدر مؤخّراً عن "أورينت بلانيت للأبحاث" (Orient Planet Research)، وهي وحدة مستقلة ضمن "مجموعة أورينت بلانيت" (Orient Planet Group)، تحت عنوان "لماذا الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي مهم بالنسبة لدول الخليج العربي"، بأن الانسحاب المرتقب للمملكة المتّحدة من الاتحاد الأوروبي يفتح آفاقاً واسعةً لترسيخ العلاقات الثنائية القوية بين دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتّحدة، ما من شأنه أن يعود بالمنفعة الكبيرة على منطقة الخليج العربي التي تواصل الجهود الحثيثة لترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية رئيسة على الخارطة العالمية.

ورصد التقرير التأثيرات الاقتصادية التي يُتوقّع أن يُحدثها الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي على الأسواق الخليجية. كما تضمّن دراسة مرجعية شاملة للوقوف على أهم الأساليب والركائز الأساسية الواجب اتّباعها في المجال الاستثماري لتعزيز آليات اتّخاذ القرارات التجارية وصياغة الخطط الإستراتيجية المتكاملة لدفع مسيرة النمو والتطوّر الاقتصادي والاستثماري في منطقة الخليج العربي في ضوء الانسحاب البريطاني الوشيك.

وقال نضال أبوزكي، مدير عام "مجموعة أورينت بلانيت": "تشكّل التداعيات المحتملة لخروج المملكة المتّحدة من الاتحاد الأوروبي موضع اهتمام مشترك بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي. صحيحٌ أن العديد من الخبراء والمحلّلين الاقتصاديين يستبعدون فرضية تأثّر الاقتصادات الخليجية بقرار الانسحاب، لكن لا تنتفي الحاجة لضرورة النظر والاستيعاب الكامل لكافة الجوانب والزوايا المتعلّقة بهذا القرار التاريخي المرتقب. وهنا تبرز أهمية التقرير البحثي الحديث الصادر عن "أورينت بلانيت للأبحاث" كونه يوفّر نظرة معمّقة حول أهم التداعيات والتأثيرات المحتملة للانسحاب البريطاني، وتحديداً تلك التي تهم الدول الخليجية".

وتوقّع التقرير أن تشهد العلاقات التجارية المتبادلة بين المملكة المتّحدة ودول الخليج العربي تطوّراً ملحوظاً في الفترة المقبلة بالنظر إلى مساعي بريطانيا، التي تعد خامس أكبر اقتصادات العالم، لترسيخ حضورها الاستثماري في الأسواق غير الأوروبية، في خطوة طموحة للتعويض عن الخسائر الفعلية في السوق الداخلية؛ غير أن العلاقات الاستثمارية بين الدول الخليجية والمملكة المتّحدة تبقى رهناً بمدى متانة العلاقات الفردية التي تجمع بين الطرفين.

كما سلّط التقرير الضوء على الإمكانات والآفاق المتاحة لتوطيد العلاقات المتبادلة بين كلا الطرفين، مع التركيز بشكل خاص على التعديلات الأساسية والمفاوضات الجارية بين هذه الدول لضمان الحفاظ على الروابط التجارية الثنائية وعدم تأثّرها بعملية الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، سيّما في أعقاب الجهود الأخيرة التي لم يُكتب لها النجاح في التوصّل إلى اتّفاقية تجارة حرّة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي الست التي تضم البحرين والكويت وسلطنة عُمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتّحدة. ومن خلال دراسة المخرجات البحثية والتحليلية الدولية، خلص التقرير إلى أن تداعيات الانسحاب البريطاني لن تؤثّر بالشكل الكبير على الأسواق الخليجية على المدى المتوسّط إلى الطويل، في حين من المتوقّع أن تواجه أسواق المال والعملات جملة من التحديات ذات الصلة على المدى القصير.

وأظهر التقرير أن قرار الانسحاب البريطاني سيكون له وقع إيجابي على مستوى تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة المتّحدة والدول الخليجية، والذي بدأ يتجلّى عبر الإجراءات الإستراتيجية التي اتّخذتها كل من الإمارات والبحرين خلال العام الماضي للدخول في اتّفاقية تجارية ثنائية من شأنها مضاعفة حجم التبادل التجاري الحالي بين الإمارات وبريطانيا ليصل إلى 135.24 مليار درهم إماراتي بحلول العام 2020. هذا بالإضافة إلى إبرام كل من الدولتين اتّفاقية لتجنّب الإزدواج الضريبي خلال العام الجاري.

وعلى صعيد المملكة العربية السعودية، كشف التقرير أن المملكة تتطلّع بتفاؤل حيال تداعيات الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي على السوق المحلية، نظراً إلى المكانة الاقتصادية العالية التي تتبوّأها المملكة بصفتها واحدة من أكبر الشركاء الاستراتيجيين للمملكة المتّحدة في منطقة الشرق الأوسط بحجم صادرات تجاوزت قيمتها الإجمالية حاجز الـ 5.5 مليار جنيه إسترليني خلال العام الماضي. في حين بلغت قيمة الاستثمارات السعودية في المملكة المتّحدة حوالى 62 مليار جنيه إسترليني في العام نفسه. ومع ذلك، اتّخذت السعودية سلسلة من التدابير الوقائية، التي تمثّلت في إعادة النظر بسياساتها الاستثمارية، بعد صدور نتائج الاستفتاء الأوروبي، وسط تحذيرات الخبراء من مخاطر اقتصادية قد تتكبّدها السوق السعودية في حال دخول الاقتصاد البريطاني مرحلة الركود، الأمر الذي من شأنه أن يشكّل عائقاً أمام الجهود الاقتصادية الحثيثة التي تبذلها الحكومة السعودية تحقيقاً لمستهدفات "رؤية 2030".

وعلاوةً على ذلك، من المتوقّع أن يسهم تراجع الجنيه الإسترليني في تباطؤ التوافد السياحي البريطاني إلى المنطقة، وكذلك خفض النشاط الاستثماري الخليجي في قطاع الطيران البريطاني الذي تستحوذ كل من قطر وأبوظبي على حصّة فيه. وبالنظر إلى قطر التي تعد ثالث أكبر سوق لصادرات المملكة المتّحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع وصول حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 4 مليار دولار أمريكي خلال العام الماضي، بيّن التقرير أن صندوق الثروة السيادية القطري يحظى بالإمكانات والفرص المواتية لدعم عمليات الاستحواذ في السوق البريطانية.

وبالنسبة للدول الخليجية الأخرى مثل الكويت، من المتوقّع أن تبقى الاتّفاقيات الثنائية القائمة في مأمن من التداعيات الاقتصادية المحتملة للانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وذلك مرده إلى إمتثال كلا الطرفين لقوانين التجارية الدولية.

وفيما يتعلّق بدبي، أظهر التقرير أن الإمارة تقف على أعتاب مرحلة جديدة من النمو والتطوّر في الفترة القادمة، مثنياً على المكانة التنافسية العالمية التي تكتسبها دبي كمركز مالي عالمي المستوى ووجهة جاذبة لكبرى الشركات العالمية الراغبة بترسيخ حضورها الإقليمي في المنطقة. هذا بالإضافة إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها "مركز دبي المالي العالمي" في إطار استراتيجيته الطموحة الهادفة إلى استقطاب ما يزيد على 1,000 من كبرى المؤسّسات والشركات المالية العالمية للاستثمار في المدينة.

واختتم أبوزكي: "ينظر الخبراء بعين المتفائل إلى مستقبل العلاقات التجارية القوية بين المملكة المتّحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، بصرف النظر عن النتائج النهائية لاستفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولعل خير مثال على ذلك الإقبال المتنامي من قبل المستثمرين البريطانيين وكذلك العالميين للاستفادة من الفرص المتاحة في دولة الإمارات العربية المتّحدة التي تواصل مسيرة التحوّل الذكي والتطوّر الشامل لتصبح مركزاً إقليمياً وعالمياً متكاملاً يواكب احتياجات ومتطلّبات القرن الحادي والعشرين على الأصعدة كافةً.، حيث اتّخذت حكومة الإمارات العديد من المبادرات الداعمة في هذا السياق، والتي تمحورت بالدرجة الأولى حول نشر ثقافة الابتكار والإبداع بين أوساط المجتمع وتمكين المهارات الإبداعية الكامنة في مختلف المجالات والقطاعات الحيوية. ونحن نشهد مثل هذه المبادرات النوعية في عدد من الدول الخليجية الأخرى أيضاً، وهو ما من شأنه أن يفتح آفاقاً جديدة للارتقاء بالجهود المتضافرة بين المملكة المتّحدة ودولة الإمارات بشكل خاص، وبين المملكة المتحّدة وكافة دول الخليج العربي بشكل عام".

Search form