الشركات العائلية بحاجة إلى اتباع مسارات مختلفة للتحول إلى العمل المؤسسي وتعزيز مكانتها استعداداً للمستقبل

الأحد 04 ديسمبر 2016
مارك-ألبرت هامليان
دبي - مينا هيرالد:

تواجه الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في إطار سعيها للنمو تحديات عدة، وفقا لدراسة حديثة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية "استراتيجي &" المعروفة سابقاً باسم "بوز أند كومباني". وللتغلب على تلك العقبات، تحتاج هذه الشركات إلى تحديد أولوياتها والمبادرة بإضفاء طابع مؤسساتي على الشركة.

تواجه الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالياً ثلاثة تحديات رئيسية خلال سعيها لتحقيق تنمية مستدامة في مجال الأعمال 1) مشاكل الانتقال من جيل إلى جيل آخر، 2) صعوبة بيئات العمل 3) تعقيدات إضافية في نماذج الأعمال الحالية. فعلى سبيل المثال، غالبا ما يصطدم المؤسسين الأكبر سناً مع الجيل الجديد في العائلة من الذين يمتلكون طموحات وأفكار مختلفة حول الشركة ويرغبون بالمشاركة في عملية صنع القرار. كما أصبحت نماذج الأعمال في الشركات العائلية أكثر تعقيدا، وغالباً ما تمتلك الشركة محفظة مجزأة تنتشر عبر فئات مختلفة من الأصول والمناطق الجغرافية والقطاعات، مما قد يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار والحاجة لمزيد من الرقابة. وأخيرا، تستمرالظروف المالية الصعبة وزيادة المنافسة والتباطؤ الاقتصادي والابتكارات الجديدة في تهديدهذه الشركات.

ومن أجل التغلب على هذه التحديات، يقول رامي صفير، شريك في استراتيجي& ومدير في ممارسات الشركات العائلية والاستثمارات والعقارات في منطقة الشرق الأوسط،: "تحتاج الشركات العائلية في المنطقة إلى التركيز على التحول إلى مؤسسات. وستكون عملية التحول من شركة عائلية إلى مؤسسة مهنية مختلفة وخاصة بكل شركة على حدة وستنطلق كل منها من مرحلة مختلفة عن نظيراتها. وسينجح إضفاء طابع مؤسسي على الشركة في فصل الأمور العائلية عن العمل، وزيادة الكفاءة ورفع القيمة لأصحاب العمل، بالإضافة إلى دعم عملية التحول من شركة عائلية إلى مؤسسة مهنية بما يتوافق مع أعلى معايير حوكمة الشركات والشفافية ".

وللتعامل مع هذه التحديات، يتعين على الشركات العائلية تحديد أولويات عملها عند البدء بخطة التحول واتخاذ إحدى الإجراءات اللازمة لواحد أو أكثر من هذه الأمور الثلاثة الهامة: 1) الحوكمة، 2) الاستراتيجية 3) عوامل تمكين الشركات.

يتعين على الشركات العائلية عند دراسة ممارسات الحوكمة، صياغتها بشكل مرن يتناسب مع طبيعة الشركات العائلية، مثل الفصل بين المسائل العائلية والعمل، وآلية تبادل المعلومات بين الجهات المعنية، وأن تكون على درجة عالية من الشفافية. وتكتسب أسس الحوكمة أهمية حيوية كونها تساعد على التعامل مع وجهات النظر المتباينة بين الأجيال.

وعلى صعيد الاستراتيجية، يتوجب على الشركات العائلية تحديد بعض القدرات الأساسية للتركيز عليها. إذ ينبغي التأكد من أن الكوادر والموارد مكرسة جميعها لتطوير هذه القدرات الأساسية التي يجب مواءمتها مع أهداف الشركة. ذلك سيخول هذه الشركات من تمييز أنفسها عن المنافسين والحفاظ على أحقيتها بالفوز.

وأخيرا، تساعد عوامل تمكين الشركات العائلية على الالتزام باستراتيجية الشركة. ويعتبر ذلك ضرورياً خاصة بالنسبة للتكتلات التي تضم محافظ متنوعة تحتوي على كيانات مستقلة ذات نضوج مختلف. لهذا تتطلب هذه الشركات كيان قوي مستقل، يجمع اصولهاتحت سقف واحد، يشرف عليها ويؤمن لها الدعم المناسب. ويتضمن هذا الكيان أرفع الوظائف المركزية في الشركة.

ومن جانبها قالت ماريا أبو صقر، مديرة في استراتيجي& وعضو في ممارسات الشركات العائلية، والاستثمارات، والعقارات في منطقة الشرق الأوسط: "نرى أهمية الحوكمة والاستراتيجية وعوامل تمكين الشركات، من خلال دراسة عملية انتقال الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو العمل المؤسسي. وينبغي على الشركات العائلية أن تبدأ عملية التحول هذه الآن في الوقت الذي لا يزال فيه مؤسسي الشركة على رأس عملهم. وإلا سيكون من الصعب الحصول على الدعم اللازم للقيام بعملية التحول، لا سيما عندما يصبح المساهمين مجزئين على اجيال مختلفة"

وعلى الرغم من أن الشركات العائلية تتمتع بميزات فريدة، حددت استراتيجي&, بالاعتماد على أمثلة واقعية لشركات عائلية في المنطقة , أربعة أنواع. تختلف خارطة طريق التحول المؤسسي لكلنوع.

النوع الأول : "شركة الرجل الأوحد"، ويعزى نجاح الشركة لشخص واحد أو عدد قليل من أفراد الأسرة، وتفتقر إلى الكفاءات من خارج العائلة. مع انضمام أجيال جديدة إلى العمل، تظهر معاناة "الرجل الأوحد" لاتخاذ القرار بشأن الشخص الذي يجب أن يتولى إدارة العمل وكيفية قيامهبه. ولذلك تعتبر القضايا المتعلقة بالحوكمة وتمكين الشركة حاجة ملحة يجب التعامل معها.

أما النوع الثاني فهو "الاندماج بين العائلة والأعمال"، ويحتوي هذا النموذج على استراتيجية النمو وتمكين الشركة، ولكنه لا يميز بين ثروة العائلة وأصول الشركة. لذا تعطى الأولوية القصوى هنا إلى تطوير الحوكمة.

ويتمثل النوع الثالث في "العمل من دون هدف محدد"، ونجده في الشركات المتوارثة التي تحتفظ بموقع قوى في السوق. ولكن تعجز هذه الشركات عن تحقيق أهداف النمو والربحية بسبب افتقارها للمرونة اللازمة للاستجابة لظروف السوق المتغيرة. وينبغي العمل هنا على وضع استراتيجية مستقبلية للحفاظ على قدرتها التنافسية والنمو.

وأخيرا يتجسد النوع الرابع في "الشركات العائلية ذات الطابع المؤسسي" والتي تتميز بأدائها القوي، ومع ذلك تنطوي على مخاطر الرضا عن الذات. ويتوجب على هذا النوع من الشركات العائلية الحفاظ على استراتيجية ديناميكية والقدرة على مواصلة تنمية قدراتها الفريدة لتجنب تراجع مكانتها في السوق، مع الاستعداد للتخلص من الوحدات ضعيفة الأداء.

وتعليقاً على هذه المعطيات قال مارك-ألبرت هامليان، شريك في استراتيجي& وعضو في ممارسات الشركات العائلية والاستثمارات والعقارات في منطقة الشرق الأوسط : "بدأت العديد من الشركات العائلية بالفعل عملية التحول إلى نموذج مؤسسي بالكامل. تعامل بعضها مع أغلب التحديات الداخلية مع التركيز على التنفيذ المتقن لاستراتيجية الاستثمار. لكن تحتاج الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا سيما التي تتطلع إلى أبعد من العمل المؤسسي، إلى التفكير بمستقبل الشركة على المدى الطويل فيما يخص فرص خلق الثروات والنمو والسيولة ".

أخبار مرتبطة