مصرفيون : قطـــر تمتلك استراتيجية واضحة في ظل حالة عدم اليقين التي يشهدها العالم

الثلاثاء 06 ديسمبر 2016

الدوحة - مينا هيرالد: يمر الاقتصاد العالمي حالياً بحالة من عدم الاستقرار وعدم التيقن الشديدين، وذلك نتيجة لمجموعة من الضغوط الجيوسياسية، إلا أن دولة قطــر تعتبر مثالاً إيجابياً يتجسد في قيادتها الرشيدة وسياساتها الواضحة، حسب رأي اقتصاديين كبار وقادة في القطاع المصرفي العالمي ممن يشاركون في مؤتمر يورموني قطر 2016، الذي انطلقت أعماله اليوم في العاصمة القطرية الدوحة.

فقد حضر مؤتمر يورموني قطر 2016 أكثر من 600 من كبار المتخصصين في الشؤون المالية وقادة القطاع المصرفي، حيث استمعوا إلى كلمات عدد من كبار المتحدثين حول المخاطر والفرص التي تواجه الاقتصادات المحلية والإقليمية والعالمية في عالمنا اليوم.

واتفق المتحدثون على احتمالية استمرار مجموعة من العوامل التي تشمل حالة عدم اليقين بشأن سياسات التجارة في المستقبل التي قد تظهر خلال حقبة إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والتحديات التي ظهرت نتيجة لصعود التيار الشعبوي في أوروبا، وخاصة بعد التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب المخاوف التي تحيط بملف الديون الصينية "الفجوة الائتمانية"، في إلقاء ظلالها على التجارة العالمية، والقطاع المالي العالمي خلال 2017.

وعند اجتماع هذه العوامل مع استمرار انخفاض أسعار النفط، وحالة عدم الاستقرار التي نشأت عما يعرف بالربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فمن المرجح أن يلجأ المستثمرون العالميون إلى السعي خلال السنوات القادمة للحصول على عائدات أعلى على استثماراتهم في المنطقة بسبب هذه المخاطر.

وقد بين كبار القادة في قطر الخطوات المهمة التي اتخذتها دولة قطــــر لتحقيق نمو إيجابي، وتعزيز مكانة الدولة باعتبارها نموذجاً للتنمية المستدامة.

وأشار سعادة علي شريف العمادي، وزير المالية بدولة قطــر إلى التحديات التي تواجه الاقتصادات المتقدمة خلال 2017، ولفت إلى ضرورة وجود سياسات مالية عالمية متوافقة لتتيح تحقيق نمو مستدام.

ولفت سعادته إلى أن قطـــر واصلت نجاحها في تحقيق النمو الاقتصادي، حتى مع انخفاض أسعار النفط والغاز التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة.

وقال سعادة السيد علي شريف العمادي، وزير المالية: "يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدّل النمو في الدولة 3.4 بالمائة خلال 2017 وهو أعلى معدّل متوقّع للنمو في منطقة مجلس التعاون الخليجي. وقد تم اتخاذ العديد من الاجراءات بهدف زيادة كفاءة الإنفاق العام وتطوير المالية العامة للدولة، وفي نفس الوقت زيادة مشاركة القطاع الخاص في مسيرة التنمية الاقتصادية وتعزيز النمو في القطاعات غير النفطية والذي بلغ 5.8 بالمائة خلال النصف الأول من العام الجاري."
أما أهم ما يميّز الموازنة العامة فهو الالتزام بخطط المشاريع التنموية، حيث تمّ زيادة مخصصات المشاريع الكبرى ومشاريع البنية التحتية في القطاعات الرئيسية وهي الصحة والتعليم والمواصلات، بالإضافة إلى المشاريع المرتبطة باستضافة كأس العالم 2022. وقال وزير المالية أن التكلفة الإجمالية للمشاريع التي تم الالتزام بها هي 374 مليار ريال، كما من المتوقّع توقيع عقود لمشاريع جديدة بتكلفة إجمالية تصل إلى أكثر من 46 مليار ريال خلال عام 2017.
وأشار سعادته أن أهم الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخراً لتعزيز الأداء الاقتصادي هو تطبيق قانون المناقصات الحكومية الجديد بما يضمن تحقيق الشفافية وزيادة مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع الكبرى. كما يسعى القانون إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال إعفائها من بعض متطلبات المناقصات مثل الضمانات المالية. وسيتم اتخاذ مزيد من الإجراءات لتعزيز بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية خلال المرحلة المقبلة مما سوف يؤدي إلى دعم النمو الاقتصادي وزيادة النشاط في القطاعات غير النفطية بما يحقّق التنوع الاقتصادي.

ومن جانبه، أعرب السيد علي أحمد الكواري، الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك قطر الوطني QNB، عن ثقته بإمكانيات قطر. وأشار في كلمته إلى مكانة قطر باعتبارها أغنى دولة في العالم من ناحية الناتج المحلي الإجمالي لكل مواطن، وذلك مدعوماً باحتياطيات الدولة من الغاز والمنتظر أن تستمر لمدة 135 عام. وبالإضافة إلى ذلك، نوه إلى حساب الفائض الحالي في 2016 يبلغ 4.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وقال بأن أعلى تصنيفات الاستثمار من قبل وكالات التصنيف العالمية ما هي إلا دليل على الأداء الاقتصادي المستدام لدولة قطر.

وشدد علي أحمد الكواري على أن متانة الاقتصاد القطري تتجسد في المكانة المرموقة للبنوك القطرية، وقال: "لقد وضعنا هدفاً لأنفسنا لأن نكون الرقم 1 في جميع المقاييس: حجم الأصول والأرباح والإيرادات في القطاع البنكي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحلول عام 2017، وأنا فخور ومسرور بأن أقول بأننا حققنا ذلك الهدف في 2016، قبل عام من التاريخ المحدد لذلك."

ومع المثل الإيجابي الذي تقدمه قطر للريادة في المجال الاقتصادي، ستتمكن دولة قطر من مواجهة التحديات التي تفرضها حالة الاقتصاد العالمي، حسبما يقول خبراء مليون.

وبالنسبة لجورج ماجنوس، الخبير الاقتصادي المشهور، وبما أنه الوضع الاقتصادي إيجابي تماماً، فمن المرجح أن تسهم العوامل السياسية في زيادة حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار خلال 2017 وما بعدها. وأشار ماجنوس إلى تباطؤ النمو في التجارة العالمية منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، وأوضح بأن هذه التباطؤ لم يعد تباطؤاً دورياً منتظماً، بل هو تغيير بنيوي سيتفاقم كثيراً في حال دفعت الإدارة الأمريكية الجديدة إلى وضع عوائق أمام التجارة العالمية.

وأشار ماجنوس أيضاً إلى النمو الكبير في الديون الصينية، وإلى اتساع الفجوة الائتمانية نسبة إلى الديون كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، والتي تعتبر أحد المخاطر المحتملة في المستقبل.

ومن جانبه، أوضح حافظ غانم، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعض التحديات الاقتصادية التي يحتمل أن تؤثر على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأكد بشكل خاص على الدور الذي يمكن أن يلعبه الرضا عن ظروف الحياة، والقدرة على الاستفادة من الخدمات الأساسية، والشمول الاقتصادي في تحقيق الاستقرار.

وقال: "يمكن لنا أن نرى بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تضمان أعلى معدلات للبطالة في العالم، وخاصة البطالة في صفوف الشباب الأعلى تعليماً، وهي من المشاكل التي تتطلب حلاً سريعاً. فالتعامل مع حالات عدم التوافق التي يقبل فيها الشباب المتعلم العمل بمهن لا تتناسب مع مستواه التعليمي، وتوفر فرص عمل أكثر وخاصة للنساء، وهو ما سيتحول إلى تحد مهم في الفترة القادمة."

وقد تم بحث الضغوط الجيوسياسية التي تواجه الاقتصادات في المنطقة في جلسة خاصة عقدت صباح اليوم الأول للمؤتمر، وضمت متحدثين من جامعة جورجتاون بقطر، والمركز المالي الكويتي "المركز"، والبنك الدولي، ومركز جنيف لسياسات الأمن.

كما ناقشت جلسة أخرى عقدت بعد الظهر مدى استعداد قطر لإدارة المشكلات المتعلقة بالاقتصاد الشمولي، وضمت متحدثين من هيئة مركز قطر المالي، وبنك قطر الوطني QNB، وبنك قطر الإسلامي، وماكنزي وشركاه.

ويشارك في استضافته مؤتمر يوروموني قطر 2016 مصرف قطر المركزي، وتقام فعاليات المؤتمر يومي 6 و 7 ديسمبر 2016 في فندق الريتز كارلتون - الدوحة.

Search form